حوار خلف قضبان سجن القناطر: أوليجا الأوكرانية ملكة جمال السجون
سمير العبد
قوام ممشوق وجه طفولي بريء، عيون زرقاء، شعر أشقر، ابتسامة صافية وإن كانت ممزوجة ببعض الحزن والاكتئاب.. كل ذلك اجتمع في امرأة واحدة داخل سجن القناطر، فاستحقت لقب «ملكة جمال السجون».
اسمها أوليجا جنسيتها أوكرانية وتهمتها ممارسة الدعارة، والعقوبة السجن ثلاث سنوات قضت منها سنة، وتنتظر الإفراج عنها بفارغ الصبر لتعود إلى بلادها وتلتقي بحبيبها من جديد وتتزوجه، لتعيش حياة أسرية هادئة بعيدا عن عالم تجارة الرقيق الأبيض.
تبدأ أوليجا سرد حكايتها بتنهيدة ساخنة ممزوجة بالحزن وتقول: عرضت عليّ صديقة روسية أن أسافر للقاهرة بغرض السياحة وممارسة الرقص الشرقي ورحبت بالفكرة وبالفعل حضرت إلى مصر، لكن بعد فترة قصيرة لا تتجاوز العام من الإقامة في القاهرة تم القبض عليّ في قضية دعارة وصدر ضدي حكم بالسجن ثلاث سنوات، وها أنذا أقضي العقوبة التي مضى منها حتى الآن عام ولا أستطيع أن أصدق أنني في السجن.
أوليجا تتهم أسرتها بالسبب فيما آل إليه حالها وتتابع قائلة «والدتي تزوجت ثلاث مرات بعد انفصالها عن والدي ورفض زوجها الثالث استضافتي في منزله في الوقت الذي تزوج والدي من أخرى ولما ذهبت للإقامة معه كانت زوجته تعاملني بقسوة حتى هربت من المنزل مع إحدى صديقاتي بعد انتهاء الدراسة الثانوية وعملت في احدى الفنادق وتعرفت على بعض الفتيات الروسيات.
ومن هنا بدأت قصة الانحراف وبدأت في دخول عالم المتعة الحرام حتى انتهى بي الحال في القاهرة عن طريق صديقتي الروسية وأعترف أنني كونت ثروة كبيرة خلال هذه المدة القصيرة التي عملت خلالها في الدعارة وكنت أنفق ما أجمعه على السهرات والتنزهات مع أصدقائي .
لكن ماذا عن أسرتها هل يزورها أحد من أفرادها. الأم أو الأب أو الأصدقاء، تجيب أوليجا بصوت حزين، أنا خلاص نسيت أسرتي تماما وجميع أفرادها أكيد نسيوني، باستثناء شخص واحد فقط هو صديقي الذي أنتظر انتهاء فترة العقوبة بفارغ الصبر حتى أعود إلى بلادي حيث هناك يعيش واتفقنا على الزواج وتكوين أسرة صغيرة، ولا أفكر مطلقا في العودة إلى عالم الدعارة ووعدني هو بأن يساعدني في إيجاد عمل محترم بمجرد العودة وسيتم الزواج بيننا.
وهناك صديقة من روسيا موجودة في القاهرة تحضر لزيارتي أنا وبعض الروسيات، لكن ذلك يحدث كل فترة.
وعن المشكلات التي تواجه أوليجا في السجن تقول: بصراحة لا توجد مشكلات مطلقا مع الإدارة أو مع السجينات لأننا منعزلات عن السجينات المصريات فجميع من في العنبر من دول أجنبية مختلفة وفي تهم متنوعة فيوجد سجينات أجنبيات في قضايا المخدرات وقضايا التزوير وقضايا الآداب، وذلك ساعدني علي التقليل من صعوبة أيام السجن، فنحن نجلس معا ونتحدث عن العادات والتقاليد لكل بلد وبصراحة نلقى معاملة جيدة جدا من إدارة السجن.
وأصعب المواقف التي مرت علىّ في السجن عندما أتذكر أشقائي ونحن أطفال صغار وأيام الدراسة مع أصدقائي ولم أتوقع أن تكون هذه حالي في يوم ما وفي بلد آخر غير بلدي.
ويبدأ يوم أوليجا في الصباح الباكر حيث تستيقظ وتقوم بتنظيف أماكن النوم والعنبر، ثم تقرأ في بعض كتب الأدب الإنجليزي ثم تتناول طعام الفطور وتجلس مع زميلاتها إلى أن يحين موعد تناول الغداء وتضيف: تقدم إدارة السجون لنا كل أصناف الطعام المناسبة وبكميات كبيرة وعندما نطلب أي نوع من المطاعم الأجنبية الموجودة في مصر لا تتأخر علينا الإدارة في ذلك، فضلا على أن الطعام يجري طهيه جيدا.
وبعيدا عن ذلك أشعر بندم شديد جراء ما ارتكبته من جرم، لكن هذا قدري وأنا راضية وأرى أن حالي الآن أفضل مما لو تماديت في هذا الطريق وأقترف مصيبة أكبرمن ذلك، وعندما دخلت السجن ورأيت أن هناك سجينات أجانب مثلي يقضون عقوبة المؤبد أي 25 عاما، هانت علي مصيبتي.
وعن كيفية تخطيطها لمستقبلها تقول أوليجا: عندما يتم الإفراج عني بعد سنتين من الآن، سأحجز أول طائرة وأعود إلى بلدي وسيكون صديقي في استقبالي، حيث سنتزوج وأعيش حياتي بشكل محترم وهادئ بعيدا عن السلوكيات الخطأ .
ملحوظة: الزميل الاعلامى والكاتب الكبير سمير العبد قام باجراء هذا الحوار قبل ثمان سنوات وطالبناه باعادة نشره بـ ويك اند weekend لطرافته وصناعته بمهنية واحترافية كبيرة ووافق مشكورًا.
- بعد تلقيها إشادات السوبرانو أميرة سليم : “بنحب المصرية” تحية إجلال للمرأة.. فيديو
- في ختام ملتقى «ميدفست – مصر»..«ماما» أفضل فيلم و«بتتذكري» يحصد جائزة الجمهور
- اسعاد يونس تقرر عرض فيلم ” التاروت ” ليلة رأس السنة الميلادية
- مروان عمارة: في الفترة الأخيرة تغيرت النظرة حول الأفلام التسجيلية بعدما كانت تقريرية أكثر في الماضي
- د. أحمد أبو الوفا: تأثير الفن عظيم جدا وفيلم حرب الفراولة أبرز لنا خطورة الشعور بالملل