ولاء جمال تكتب: الموهبة الحرة ليست للبيع
شيء ما يحدث للموهبة عندما يرغمها صاحبها على أمر يتنافى مع حريتها، أو الحالة البكر التي وجدت عليها، فهذه الموهبة التي تولد حرة من الخالق، لا تلوث بنيات خبيثة أو مصلحة تسوقها، أو زواج صاحبتها، أو صاحبها، من أحد الأثرياء أو الثريات، أو أحد المنتجين أو المنتجات، اعتقادًا منها/ منه أنها بذلك تحرس موهبتها أو توجد على القمة أو حولها.
إذا حدث ذلك نجد الموهبة البكر الحرة تتمرد على صاحبها وتهرب منه، فيصبح أو تصبح بلا طعم أو لون، بل مجرد شكل جميل يؤدي دون روح، دون حياة، عكس ذلك نراه حينما تكون الموهبة على طبيعتها حرة طليقة داخل الفنان، فوقت أن يستحضرها تأتي إليه فرحة طيعة مثل الأطفال، فالبراءة لا ترغم على شيء، لذلك ترى مثلا كثيرات في الوسط الفني أصبحن بلا روح بعد أن كن مثالا للموهبة، وكان الناس يتوقعون منهن ومنهم الكثير في عالم الفن، وكان النقاد يتنبأون لهن بمستقبل باهر في عالم النجومية، لكن الاستجابة لدخول عالم الأغنياء تلوث مع الأسف جوهر الموهبة التي تعودنا عليها من ذلك النجم أو تلك الفنانة.
أنا – مثلا – لم أعد أشعر حتى بمجرد وجود أحد الممثلات الموهوبات التي تزوجت أحد المنتجين كي تأخذ بطولات مطلقة، وقبل هذا كنت أراها في أدوار حققت فيها نجاحات أكثر من مسلسلاتها الأخيرة ذات البطولة المطلقة، صحيح حصلت على ما تريد ولكن الموهبة لم تعد متوهجة كسابق عهدها، على النقيض من ذلك المثال، فهناك النجمة التي حافظت على حالة من التألق كل هذه السنوات، رغم أنها كانت متزوجة من نفس المنتج، ببساطة لأنها لم تستخدمه كما فعلت الأخرى، صحيح الزوجة الأولى عاشت معه في حياة رغد وحلاوة لكنها لم تستخدمه في الفن وتجعله سلمًا تصعد عليه.
كذلك ممثلة أخرى كنت أراها أكثر موهبة قبل زواجها من رجل الأعمال الشهير، وأتذكر دورها مثلا في أحد مسلسلاتها، وكيف كانت تطل الشقاوة والموهبة من عينها، كل ذلك اختفى في بطولاتها المطلقة.
أما الممثلة صاحبة الحالة الثالثة وأيًا كان سبب ارتباطها بالمغني الأشهر في الوطن العربي، فإنني أيضًا لم أعد أستشعر حرارة موهبتها التي كانت أكثر حضورًا وجمالا في أدوارها السابقة، وكلنا نذكر أدوارها مثلا في آخر مسلسل قبل إرتباطها وغيره رغم أنها لم تكن بطلة العمل المطلقة، لكننا كنا نشعر بحضورها الفني وبموهبتها طوال الوقت.
صحيح أن بعض هؤلاء الفنانات أصبحن ينافسن بأسمائهن، وموجودات في سوق الدراما ببطولات مطلقة، ويملأن السوشيال ميديا وتنشر صورهن في كل الميديا كما أردن ويدفعهن دفعا إلى ذلك من يقف وراءهن لكنهن مع ذلك خسرن جوهر الموضوع، وفقدن بريقهن الفني، بل فقدن الغاية كلها من العمل في الفن، بل صار الفن وكأنه الوسيلة أو المركب التي تقلهن حتى الوصول إلى الزواج، حتى إذا تحقق ذلك الهدف ضاع الفن، وضاعت الرسالة، باختصار شديد وغير مخل، كأن الفن صار وسيلة إلى الرفاهية الاجتماعية، لا رسالة له أو فيه.
أغلب هؤلاء النجمات لم نعد نشعر بذلك الطفل المشاغب الذي يفاجئك بتنوعه ويرقص ويلعب داخل أدائهن الفني، ذلك ان الموهبة التي أسكت صوتها بإرغامها علي الزواج، فتمردت وهربت أو سكتت مرغمة حزينة، أنا لست ضد الزواج بمنتج أو ثري ولكن عن حب حقيقي ودون هدف مسبق.
الأمر نفسه ينطبق على الغناء وذلك بمناسبة صاحبة الصوت الرائع التي طغى حضورها في آخر حفلاتها، ولما لا وقد أصبح لصوتها ولي أمر يتحكم فيه وهو زوجها وهي من اختارت ذلك بكامل إرادتها وكانت النتيجة حبس موهبتها فزوجها يفتح لها ويغلق علي حسب رضاه عنها وعلي حسب صعود وهبوط الخلافات بينهما في حين أنها كانت ملء السمع والبصر قبل هذا الزواج وكنا نستمتع بها في الأوبرا أكثر من ذلك ومن الآن.
الموهبة الحرة تظل طفلا لا يكبر أبدا ولا يشيخ، حتي لوصاحبها تقدم في السن فالموهبة «تقفز» بداخل الفنان كلما ناداها.
لماذا نحب فناني الزمن القديم؟.. لأنهم ظلوا بلا نيات تضر بموهبتهم وأكبر موهبة سعاد حسني وأضرب بها المثل لأنها لم تبع موهبتها أبدا بدافع الصعود للقمة، لم تتزوج من منتج أو رجل أعمال أو ارتبطت بهدف المصلحة فلم ترخص موهبتها فعاشت معنا إلى الآن وستعيش إلى أجل غير معلوم.
وأيضًا أرى منة شلبي دخلت الفن بقلبها وكل نقطة إحساس ومشاعر تملكها، مقررة أنها لن تركب موجة ولا تركن جنب أحد، فهي تمثل بكل ما فيها وليس لديها مساحة لأحد يتحكم بها، ولا عندها مساحة شك في موهبتها تجعلها تعتمد على أحد، تحب للحب لكن الفن عشق وحكاية أخرى تمامًا لذلك هي حرة وستظل حرة حتي لو تزوجت من أي كان.
كذلك سيمون كانت ولاتزال موهبتها حرة لم تخدش أبدًا بأي قيد، ولم ترغم حتى على عمل لا يروق لها، وكيف ذلك وهي «كارمن» التي اختارت الحرية حتى عن الحب فما بالنا بالفن ولم تهن موهبتها يومًا باختيار شيء لمجرد الوجود أو فيه تنازل في حياتها الخاصة.
للأسف الموهبة تظل تصارع من أجل الوصول والتشبث بالقمة أو جوانبها، فكم من مواهب شاهدناها ولمسناها لكنها فقدت أهم وأجمل ما فيها وهي قيمة الإيمان بالفن والموهبة، لكنها انهارت لأنها رأت أن هذا السلاح هو آخر الأسلحة قيمة وأضعفها أمام أساليب أخري للصعود إلي القمة ولكنها.. قمة الفراغ.
- أسماء الصغير تكتب : رحلات بلا حقائب
- أمير كرارة مفاجأة الحلقة الثامنة من مسلسل “ديبو”
- لتمكين ذوي القدرات الخاصة…برعاية وزارة الشباب والرياضةمؤسسة تشانس تقيم ماراثون رياضى بالدراجات لتكريم نخبة من ابطال الرياضة فى مصر
- “أنف وثلاث عيون” ينافس بمهرجان الفيلم العربي بفاميك
- الأحد: فرقة “أنغامنا الحلوة ” وعيد الفلاح وأمسية شعرية ضمن فعاليات وزارة الثقافة