إبداع

رحلة التشكيلي «هاني جمال» في النحت بين المدرسة الكلاسيكية والمدرسة العصرية الحديثة

ريهام مصطفى

إن لكل زمن ووقت فلسفته الخاصة التي يعمل فنانيها على توثيقها من خلال أعمالهم في تلك المرحلة، فكلما زادت إحتياجات الإنسانية لتخليد ذكراهم، وإنشاء حضارة خاصة بهم ، سعوا الفنانين وخاصة في مجال الفن التشكيلي لإنشاء التماثيل أو الجداريات وغيرها من المقتنيات المنقوشة والأيقونات المزخرفة حتى الطراز المعماري تجده عنوان لطبيعة كل زمان، فأعمال كل حقبة تصف فنانيها كما أن فنانين كل حقبة توثق ما دار فيها.

وفي هذا التقرير لدينا حالة تهتم بتجسيد الواقع بالنحت بشكل يؤمن فيه بتفاصيل الكتلة ويحترم فيه الخامة المستخدمة النحات المصري «هاني جمال» خير دليل على الفنان المصري القديم والذي يعتنق في أعماله المدرسة الكلاسيكية في النحت.

«هاني جمال» نحات مصري تخرج من كلية فنون جميلة قسم نحت دفعة ٢٠٠٨ سنتحدث معه عن سر تعلقه بالنحت وتفاصيل وخطوات عمل تمثال والمدرسة التي يعتنقها بالنحت في حوار خاص معنا.

أولا: لماذا حبذت دراسة النحت عن دراسة غيره من أقسام كليتك؟

أثناء دراستي الجامعية تميزت في مجالين ألا وهما فن التصوير الزيتي وفن النحت، وعندما تخصصت في التصوير الزيتي لم أمكث طويلا في القسم وسرعان ما قادني شغفي إلى التحويل إلى قسم النحت وحينها قررت أن أتبع شغفي دائمًا.

ما هي خطوات نحت تمثال ؟ وأهم صعوباته؟

الفكرة تبدأ بالأساس من خلال رسمها على اسكتش حتى تنتقل من الورق إلى النحت ، أما صعوبة النحت فتكمن في تعدد خاماته و أدواته واختلاف مراحله وخطواته.

ما هي الخامات المستخدمة في النحت ؟ وأيهما تفضل؟

الخامات في النحت متنوعة كالطين الأسواني والسبائك المعدنية أو الأحجار الطبيعية أو الأخشاب، لكن كثير منا يفضل الطين الأسواني لطوعيتها في الاستخدام وإمكانية تدارك الخطأ فيها وهذا عكس ما يحدث مع أي خامة أخرى كالنحاس مثلا أو الرخام الذي نستخدم معهم إسلوب التشكيل المباشر أو ما يسمى بالحذف المباشر لذا يستحيل تدارك الخطأ فيه فأنا ملزم بالشكل الذي خرج بعد التشكيل.

كم يستغرق التمثال وقت حتى تنتهي من عمله؟

لا وقت محدد فعلى حسب نوع التمثال، فمثلا تمثال البورتريه يحتاج في مرحلته الأولى ما لا يقل عن شهر، وفي مرحلته الثانية يحتاج مدة تتراوح من شهر إلى شهرين، فعلى أقصى تقدير التمثال يلزمه من شهرين إلى ثلاثة شهور.

هل عامل الخبرة يلعب دور في تقليص الوقت اللازم لإنهاء التمثال؟

كلما زادت خبرة النحات، كلما انعكس ذلك على مستوى رضاه، ويصبح من الصعب أن يصل لمرحلة الرضا والانبهار مما يدفعه لإعادة العمل أكثر من مرة حتى يحقق الصورة التي يكون راضي عنها.

ماذا عن التماثيل الملونة أو تماثيل hyperrealism (تماثيل الواقعية الشديدة) ؟ وهل جربت هذا اللون من قبل؟

أنا لا أحبذ تلوين التمثال فالنحت قائم في الأساس على تحقيق أبعاد الظل والضوء بخامة واحدة بلون واحد، فبراعة النحات وقيمة التمثال تكمن في تلك التفريغات والتجاويف أو تلك المناطق الغائرة التي بمجرد تسليط الضوء عليها ترى بعدا آخر من الجمال ويظهر براعة التمثال في الحفاظ علي أبعاد الظل والضوء بخامة واحدة ولون واحد.

أما مدارس الهايبر ريلازيم التي تهتم بتجسيد الشكل الحقيقي للشخص بداية من ملمس الجلد لمسام البشرة مرورا بالشعر فهو لون جديد لا نستطيع أن ننكره ، لكنى أميل أكثر لاحترام الخامة واظهارها.

تميزت الحقبة اليونانية والحضارة الرومانية بروعة تماثيلها والتى رأي البعض أنها تفوقت على تماثيل الحضارة الفرعونية.. فما رأيك بذلك؟ وهل حقًا كانت أعمال الفراعنة تنقصها شئ؟

الأمر مرتبط بالعقيدة، هل يعقل أن حضارة كالحضارة الفرعونية التي برعت في علم التحنيط وتميزت في دراسة التشريح أن ينقصها عمل تلك التفاصيل التي تميزت بها التماثيل الإغريقية.

لكن المسألة مسألة عقيدة فالحضارة المصرية القديمة كانت تعتنق فكرة الخلود لذا كان يشغل بالها صنع تماثيل تعيش خالدة على مر العصور مما جعلهم ينحتون على أصلب الصخور محافظين على الكتلة ويحترموا أبعادها الخارجية، عكس ما اعتنقوه الرومان والذي تميز بالتحرر وقدموا فيه تصورات عن الملائكة و أشكالهم.

لكن هذا لا يعني نقص خبرة من الفراعنة أو نحتهم بهذا الشكل كان اعتباطيا فبالرغم إنهم حرصوا على الكتلة ايمانا بالخلود إلا إنهم اهتموا بتفاصيل تظهر قوة بنيان الرجل ونعومة جسد المرأة وتفاصيل شكل جلوس الملك ووقوفه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock