رأيك

«كلاكيت».. فايزة هنداوي تكتب: رؤية جديدة لأفلام قديمة

للسينما  لغتها الخاصة، التي يستطيع بها فنان الفيلم التعبير عن رؤيته، وللسينما تعريفات كثيرة، ولكن معظمها يؤكد على أن السينما هي فن الصورة «فن وصناعة إنتاج الصور المتحركة»، لذلك فإن  الصورة، تلعب الدور الأساسي في اللغة السينمائية، وتعد وحدة لغوية صغرى في الخطاب السينمائي، فهي التي تشكل اللقطة والمشهد، وبالتالي تشكل المعنى العام للفيلم، فالسينما بدأت صورة وبعد أن استقرت تشكيليا من خلال النقد وصولا إلي التنظير.

وفي كتابه «قراءات خاصة في مرئيات السينما»، يعيد الناقد السينمائي الدكتور ناجي فوزي قراءة المرئيات في عدد من الأفلام الهامة في تاريخ السينما المصرية.

خصص الكاتب الفصل الأول، لفيلم «بداية ونهاية» للمخرج صلاح أبو سيف، وأطلق عليه عنوان «مرئيات التراجيديا السينمائية المحكمة بين الفيلم والنص الأدبي»، وأشار فوزي إلى المفردة المرئية التي لم يفطن إلي دلالتها أحد وفيها فيها يبدو حسنين علي مبعدة بين براثن المطرقة والحديد الذي تشكله، حيث استشف منها  تعبيرا مرئيا مكثفا عن هضم المجتمع لحقوق هذه الطبقة المعدومة التى ينتمى إليها حسنين بشكل عام، وفى الوقت ذاته يدلل على المصير الذى ينتظر حسنين فى نهاية الفيلم رغم كل طموحاته وتطلعاته المستميتة طوال أحداثه.

أما الفصل الثاني من كتابه فخصصه ناجي فوزي لفيلم «يوم أن تحصي السنين – المومياء» للمخرج شادي عبد السلام بعنوان «حقيقة مرئيات البعد الرابع».

وركز الكاتب في دراسته، على دور الإضاءة واللون في تأسيس المسافة الزمنية بين المشاهد ومحتويات الشاشة.

ويري الكاتب أن من أهم ما يميز الفيلم ذلك الثراء الفني في استخدام الإضاءة والألوان، ولم يغفل الكاتب الإشارة إلي شيء مهم في فيلم «المومياء»، وهو طريقة تعامل فنان الفيلم مع الظروف الضوئية.

ويري الكاتب أن فيلم المومياء يقدم مفهوما جديدا لبعثة المومياوات المصرية القديمة، وهو المفهوم الذي يعني التعرف علي هذا الجانب من الوجه الحضاري للمصريين القدماء  متمثلا في معتقداتهم الدينية وفي تقدمهم العلمي المذهل، الذي يتبدي جانب منه في حفظ الأجساد لبشرية علي هذا النحو من آلاف السنين.

وفي الفصل الثالث عرض الكاتب لقراءته لفيلم «الشوارع الخلفية» تحت عنوان «الفنان التقليدي يخوض تجربة الخروج على المألوف».

ويري ناجي فوزي أن  تميز فيلم الشوارع لخلفية،  يعود إلي مواصفات الشكل السينمائي الذي يصب فيه كمال عطية رؤيته السينمائية للمضمون الروائي للقصة، بحيث يمكن القول بأنه قام بتحويل الشوارع الخلفية من رواية أدبية طويلة إلي حالة سينمائية خاصة تجمع بين الإتجاه الفكري للأديب واتجاه الفنان السينمائي، من خلال لغة سينمائية خاصة، تمثل نوعًا من تجربة الخروج عن المألوف، مشيرًا إلى عدة ظواهر يمكن ملاحظتها علي أسلوب إخراج هذا الفيلم، منها تقديم معظم مشاهد التخيل من خلال مصاحبة المؤثرات لصوتية دون حوار، إضافة إلي صفة التكتل التي تغلب على لقطاته الجامعة لعدد من الشخصيات، واستخدام المنظر السينمائي الكبير.

كما يميل المخرج كما يقول الكاتب إلي الإخراج من العمق وذلك من أجل وضع شخصياته الفيلمية في علاقات شكلية ذات ملامح واضحة ، كما جمع بين التسلسل الزمني التقليدي، وبين ذلك الاتجاه السينمائي الحديث في ذلك لوقت «نهاية الستينات ومطلع السبعينات» في الكشف عن المشاعر المستبطنة بعدد من الوسائل السينمائية ، كما يشير الكاتب إلي أهمية دلالات الأشياء لتي استخدمها مخرج الفيلم.

ويعنون ناجي فوزي الفصل الخاص بفيلم «زوجتي والكلب»  بــ«درس خاص في الشكلية الخالصة لتقنيات التصوير السينمائي»،  مشيرًا إلى أن فنان الفيلم ينحو بشدة نحو تقديم مرئياته من خلال طبقة إضاءة منخفضة، ويلفت إلي عناصر مرئية أخرى ساهمت في دعم  هذا النوع من الشكلية البصرية، مثل اختيار مكان التصوير وأداء الأشياء، ويتحدث بعد ذلك عن تأثير الإمكانيات التقنوية لآلة التصوير السينمائي، ثم عرض لدور عدسات التصوير السينمائي، واستغلال زوايا التصويراستغلالا طيبا في كل اتجاهاتها ومستوياتها الفرعية.

ثم يبدأ الكاتب بتحليل مرئيات فيلم «ليل وقضبان» للمخرج أشرف فهمي في الفصل الخامس بعنوان «التطرف في تباين المرئيات»، حيث يشير إلى أن الفيلم يقدم شخصياته الأربعة الرئيسية أحادية الجانب محصورة بين اللونين الأسود والأبيض، ليكرس نوعًا من التباين يصل إلى حد التطرف، موضحًا أن هذا التطرف لا يتصل بفكرة التباين الضوئي فحسب، بل يتصل بأغلب العناصر المرئية المؤثرة في الصورة السينمائية، فيسري على الحجوم وزوايا التصوير وحركة الممثل في بعض المشاهد.

ويري الكاتب أن أشرف فهمي نجح في التعبيرمرئيا عن سطوة الجبل علي مشعر الشخصيات في لفيلم، كما أكد عليها من خلال الإلحاح الصوتي في الحوارات.

ويرجح ناجي فوزي أن إنتاج الصورة السينمائية في فيلم «ليل وقضبان» بالفيلم الأسود أبيض هو اختيار حر لفنان الفيلم، ليتناسب مع اتجاهه نحو التطرف في التباين.

أما الفصل لسادس من الكتاب،  فتم تخصيصيه لفيلم «العصفور»، بعنوان «درس في الحركة»، حيث قام بتحليل مكونات الكادر واتجاهات شخصياته، وقد قام الكاتب بتحليل الاتجاهين الرئيسين في الفيلم وهما اتجاه نحو يمين الصورة «من وجهة نظر المتفرج» الذى اتخذه فنان الفيلم رمزًا لكل شىء يراه إيجابيًا وعلى العكس اتجاه اليسار من وجهة نظر المتفرج أيضًا ورمز به للشخصيات والأحداث السلبية،  تبعًا لأحداث الفيلم.

وأشار الكاتب  إلي الإيقاع اللاهث الذي تميز به الفيلم، كما لفت لحركة بهية في نهاية الفيلم والتي كانت تشبه حركة العصفور المحلق.

وخصص الكاتب الفصل السابع والأخير من الكتاب، لفيلم «شفيقة ومتولي» للمخرج علي بدرخان، ويقارن فيه الكاتب بين الطابع الملحمي الشعبي للحكاية، والطابع الملحمي البصري للفيلم، والذي بدا بوضوح منذ  مشهد البداية.

ويشير كذلك إلى التكتل العددي الذي إستخدمه فنان الفيلم بتعدد الوحدات داخل إطار الصورة والذي يمنحها صفة التلاحم ، مستعرضًا أمثلة للتكتل العددي في الفيلم، العنصر الثاني من عناصر ملحمية الصورة برأي الكاتب هو «التراكب الموضوعي» الذي استخدمه فنان الفيلم.

أما العنصر الثالث فهو الاقتراب الحميمي، إضافة لعناصراخري مساعدة تشترك في تحقيق هذه الملحمة البصرية، مثل المسطحات المائية، والحركة العنيفة، والعراك المتلاحم، والاستغلال الفني لفكرة المبالغة في المنظور.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock