نانسي إبراهيم تكتب: الصفعة الربانية أعلى درجات المنح
أحيانا نمر بتجارب قاسية مؤلمة غير مفهومة نظنها أقوى إختبار وأصعب إمتحان والشر الأكبر والحزن الأعمق والظلم البين لكننا لقصر معرفتنا كبشر لا ندرك الخير الكبير المتضمن في هذا الحدث الجلل الذي مررنا به، أو الظرف الصعب الذي وضعنا فيه، أو الموقف الطاحن الذي واجهناه ووجدنا أنفسنا تحت رحمته، لكننا عندما نهدأ ونرضى، ونعيد النظر سنستوعب ونعي كم الخير المتضمن فيه وسندرك أن هذا الشئ المجحف المؤذي القاسي هو أعظم إختيار آلهي لنا لم نكن أبداً لنتخذه بمفردنا وأنه أفضل حال ممكن أن نصل إليه، ويضم بين جناباته الخير الكبير حتى وإن ظنناه الشر الأعظم.
في كثير من الأحيان يكون الرفض هو أعظم درجات الحماية الربانية، والفراق هو أسمى معاني الحب، والانتقال من بيت نشأنا فيه أو عمل نعشقه إلى آخر نرهبه هو التحويلة القدرية السحرية الأفضل لمجرى حياتنا ومسيرة عملنا، لكننا لإنعدام معرفتنا الانسانية ولجهالة إلمامنا بتصاريف القدر ولضيق معرفتنا ومحدودية أفقنا البشرى نظن أن ما نعانيه الآن هو قمة الأسى أو أعتى درجات الظلم أو أعلى مراتب الحزن في حين إننا إذا نظرنا للأمر من منظور آخر مختلف لاكتشفنا الخير الوفير المتضمن فيما ظنناه الشر الأعظم.
هحكي لكم حكاية قصيرة تدلل لكم على صحة ما أقول وتبرهن على حقيقة ما سلف وهو موقف صعب جدًا مررت به منذ عامين حيث تعرضت لحادثة سير مميتة كادت تودي بحياتي وكلفتني أكثر من أربعة أشهر نومًا على ظهرى بلا حراك وكانت أقصى آمالي أن أحرك أطرافي وأن أتمكن من السير كسائر البشر، وكانت أعظم طموحاتي أن أتنفس وأكل وأشرب وأضحك وحتى أبكى بلا ألم، ويا سلام لو استطعت أن أدخل إلى الحمام بلا مساعدة.
كانت فترة قاسية جدًا في حياتي طاحنة فارقة واختبار حقيقي لمدى صبري وجلدي وإيماني وثقتي برب العالمين.
احتسبت وصمدت وحاربت هذا الظرف الطاحن بالرضا والحمد لله استطعت ان اجتازها بعناية ربنا سبحانه وتعالى وبيقينى وصبرى وارادتى وعزمى وبكم الحب الذى استشعرته ممكن حولى فى تلك الفترة كل ما تقدم دفعنى دفعا للشفاء وكان أمرا اشبه بالمستحيلات .
وإذا عدت بكم إلى الفترة التي كنت أعيشها قبل الحادث كانت فترة قاسية مؤذية مدمرة نفسيًا مستنزفة لطاقاتي وقاتلة لروحي وهادمة لأحلامي ومدمرة لإبداعي حيث كنت أتعرض فيها لحرب شرسة ضاربة من أشخاص وجدوا في بريق مصدر تهديد لهم ولدأبي وإبداعي في عملي تنغيصًا لهم وتكديرًا لصفو نفوسهم الخربة فكرسوا جهودهم في محاولة تدميري والقضاء على تعبي وكدي.
ولم أجد وقتها بد سوى الدفاع بكل ما أؤتيت من قوة للحفاظ على مكانتي في عملي وجهدي وسيرتي وتاريخي الذي حفرت في الصخر لأجله لأعوام وأعوام وعانيت في تلك الفترة أشد المعاناة وكنت حرفيًا على وشك الانهيار.
لكن لطبيعتي الصامدة ونفسي المثابرة وإرادتي المحاربة وجيناتي التي ورثتها من أبي المقاتل كنت متماسكة وصابرة ومحتسبة لكن كان يقبع بداخلي بركان على وشك الانفجار أو نار حارقة، ستأتي على الأخضر واليابس مرجعها أحساسي بالظلم والقهر وعدم التقدير وتعرضي لفترة طويلة للمضايقات وللإساءة غير المبررة والتي لا يمكن أن يطلق عليها سوى حرب كيد وغيظ ورغبة في تدمير نجاحي الذي لم أصنعه باستخفاف أو بسهولة وإنما نحته في صخر وصنعته بحب وأخذ من روحي ووقتي وحياتي الكثير.
والحقيقة وقتها لم يكن لدي من الشجاعة الكافية أن أتوقف من تلقاء نفسي عن هذة الحرب الطاحنة أو أصدر لنفسى أمراً واجب النفاذ بالتوقف الفوري عن الدفاع عن جهدي وتعبي في معركة كادت تودي بحياتي وتكلفني إنسانيتى ونقاء سريرتي.
فكانت العناية الألهية وتجلي التدخل الربانى وجاءتني الصفعة الربانية في شكل هذه الحادثة التي كانت أشبه بسحب القابس (الفيشة) وفصل التيار جبرا للخروج من هذة الدائرة المميتة التى كادت تودي بحياتي ورغم قسوة الحادثة الا انها اعطتنى أهم درس فى حياتى فهمته واستوعبته وتمنيت لو استطعت أن أترك نفسى له فيما بعد وألزمه باقى حياتي.. وهو:
أن ليست كل الأمور قد تستحق العناء، وأحيانًا الانسحاب والتراجع والاستغناء هو أعظم القرارات التى تحقق أعلى درجات الكسب النفسى والانسانى والعملى وأكبر إنجاز تستعيد فيه انسانيتك وتعيد الاتزان لحياتك وتجدد مسارات تفكيرك وتشحن طاقتك بخير جديد ، وتكتشف فيه ذاتك من جديد وتتعرف عليها وكأنك طفل حديث الولادة تتعرف على كل شيىء وكأنك تراه لأول مرة.
ثقوا في حكمة المنع من رب كريم، وتوسموا خيرا فى ثقافة الرفض ، وحاولوا قراءة إشارات ربنا على طول الطريق ، واهتموا برؤيتها والبحث عنها لتتمكنوا من فك لوغاريتمات الحكاية وسرها وسر الكون من حولكم ، ولا تقنطوا أبداً من رحمة الله ولا تعترضوا على مشيئته فما حدث لكم حتى لو ظننتموه لوهلة اختبارا قاسيا أو ظلما بيناً فيكمن بداخله قمة العدالة ويتخلله أقصى مراتب الخير وأعظم درجات الصون لكم.
فالصفعة الربانية الموجعة هي أكبر درجات الحماية، والمنع هو أقصى درجات المنح، والتجارب القاسية المؤلمة هي العناية الألهية الخالصة التي تتضمن أعلى درجات الخير لكم والمكافأة التي تستحقونها إذا صبرتم واحتملتم واحتسبتم وتملككم يقين رباني لا يعرف أبدًا الشك.
- بعد “جولة أخيرة” مهاب صالح ينضم لـ ” 220 يوم” مع كريم فهمي
- ١٢ فنان عالمي يتحدون في النسخة الرابعة من “الابد هو الان” – مزيج من التراث والابتكار
- بعد تلقيها إشادات السوبرانو أميرة سليم : “بنحب المصرية” تحية إجلال للمرأة.. فيديو
- في ختام ملتقى «ميدفست – مصر»..«ماما» أفضل فيلم و«بتتذكري» يحصد جائزة الجمهور
- اسعاد يونس تقرر عرض فيلم ” التاروت ” ليلة رأس السنة الميلادية