رأيك

نانسي إبراهيم تكتب: سعادة الفشل

في كل مرة في حياتنا، وفي كل مرحلة عمرية وحقبة زمنية بنعيشها بيبقى عندنا جملة من الأحلام، وقائمة من الأماني، ومجموعة رغبات بنتمنى نحققها، وأهداف بنتمنى الوصول إليها.

وفي كل مرة بتبقى الأولويات مختلفة عن المرحلة اللى قبلها، على سبيل المثال: عمرنا ف سن الطفولة ما كنا بنتمنى أو نسعى إننا نبقى أطفال سعداء، ولا نعرف أصلا يعنى إيه سعادة ؟ لأننا بالفعل كنا سعداء، وكنا عايشين السعادة وإحنا مش عارفين إنها سعادة لأنها كانت متحققة وموجودة، ومش شاغلة بالنا ولا تفكيرنا ولا بنسعى أو بنصبو إليها لأنها بالفعل موجودة.. وكان يكفى إننا نلعب، ونعيش طفولتنا، ونتنطط ونجرى ودى أصلا جُل معنى السعادة.

ولا كان بيشغلنا الاحساس بالأمان، ولا بندور عليه ولا بنسعى له ولا خايفين نفقده لأن الأمان قائم فعليا بوجود الاهل والسند سواء من أب او أم أو أخت أو أخ أو خال أو عم أو جد.

ولما كبرنا شوية أحلامنا أختلفت ، واتخلق جوانا هدف جديد وهو النجاح ، والتحقق ، وإثبات الذات بدراسة جيدة ، وبوظيفة أحلامنا ، وتحقيق الذات ، والقبول الإجتماعى ، واثارة مشاعر الإعجاب لدى الآخرين.

وبعد شوية بقى يشغلنا الأمان مرة تانية واللى خد شكل آخر وما بقاش امان الحضن والحماية والسكن … لا .. ده بقى الأمان المادى ، وتوفير لقمة العيش ، وخلق الحياة الكريمة وضمان استمرارها ، ودخلنا على مرحلة الأمان العاطفى المتمثل ف البحث المحموم عن الشريك او الشريكة المناسبة وإيجاد الحب اللى هو أساس وجوده إحساس باردوا بالأمان سواء لراجل أو لست.

وبعدين اتربطنا ف ساقية الحياة اللى اخدتنا ف مشاكلها ، ومشاغلها ، وحروبها النفسية اللى بعدتنا أكتر وأكتر عن منطقة نفوذنا ، ومنطقة الراحة ، والإطمئنان ، وبقى أقصى آمالنا من تانى إننا نحس السعادة ، ونعيشها ، ونضمن استمرارها ، وبقى من تانى الإحساس بالسعادة بمعناه الفطرى البدائى الطفولى أقصى رغباتنا ومنتهى المنى.

عشان كده … لازم تدركوا أن حياتكم حلقة متصلة بتحمل نفس الرغبات والاحلام اللى بتكرر ، وكل مراحلها ومشاويرها ومساعيها بتقود لنفس النتائج اللى بترجعنا تانى لنفس الأحلام الأولى اللى اتشكلت فينا … من وإحنا صغيرين.

وتأكدوا من حاجة مهمة جداً … إن أى حلم أو هدف اتمنتوه لازم هيتحقق لكم فى مرحلة ما من حياتكم بنفس الطريقة اللى اتمنتوها بيه بس جايز بشكل مختلف او فى إطار جديد.

عشان كده لازم تكونوا محددين فى أحلامكم وتسعوا لها بثقة وجسارة وإصرار ، وتعملوا اللى عليكم وتهدوا وترتكنوا لتصاريف القدر ، وأسلوب ربنا فى تحقيق أمنياتكم ، وتثقوا فى طريقته الربانية العظيمة فى ادارة حياتكم بالطريقة اللى هتحقق لكم الراحة ، والإحساس بالأمان ، وتخلق لكم الفرحة ، وتعيشكم سعادة حقيقية مش إفتعال.

ولازم تثقوا تماماً ان أى شخص إنصرف عنكم ، او اى حلم ضاع ، او رغبة لم تتحقق ، أو أى هدف اتهد ، أو أى وظيفة فقدتوها ، أو أى مسعى فشلتم ف الوصول إليه فده أقصى ملامح التوفيق من ربنا ، وأفضل حال وحالة ممكن تكونوا عليها.

ولازم يتملككم الرضا ، وتحمدوا ربنا كتيييير جداً على عدم التوفيق فى بعض المشروعات ، أو التعطيل فى بعض أمور حياتكم ، أو الفشل بمعناه الفادح أحيانا ، أو الفقد بوجعه فى كثير من الأحيان … لأن الوضع لو كان إتعكس كانت آلت حياتكم للأسوأ اللى كنتم هتتمنوا من ربنا إنكم عمركم ما كنتم تشوفوه أو تعيشوه أو حتى يمر ف خيالكم أو تتمنوه.

السيناريو الربانى هو الأنجح على الإطلاق ، والأنفع ، والأجمل ، والأكثر سعادة عشان كده لازم تحمدوا ربنا عليه ، وتشكروه ، ويملا قلوبكم اليقين والرضا ، وتعيشوا سعادة الفشل فى أمر لو كان نجح لكان مصيركم قمة الفشل ، والوجع ، والحزن ، والكسرة.

وإعرفوا إن فى غياب هذة السعادة المنقوصة فى وقت بعينه ، وفى ظرف بعينه ، وفى حقبة محددة من حياتكم هو قمة الأمل ، ومبلغ السعادة ، وأقصى مبالغ النجاح.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock