” بداية عمر ” .. قصة قصيرة للأديبة د . أميرة النبراوى
قلت: وكيف حالك بعدي..؟
قالت: أصبحت أؤمن أننا نعيش أقدارنا..لا نعيش حسب ما نحب، إننا لا نختار شيئا،إننا فقط ننفذ خطة رسمت لنا وعلينا أن نقوم بها ولا نناقشها،مثل القطار لا يستطيع أن يمشي أبدا بلا قضبان.
إنني أحببتك..لا أدري كيف،وأعيش بعيدة عنك ولا أدري لماذا،ولا أعرف ماذا سيحدث غدا..لقد استرحت بعدك لأنني لم أعد أتساءل كثيرا..
قلت: وهل التساؤل جريمة!!..إنه أفضل شيء في الإنسان.
قالت: لقد حملتني معك إلى تساؤلات بلا إجابة..فاحترت أنت،وتمزقت أنا..
قلت: لماذا لا تسألين عني..؟
قالت: لا أنا حبيبة..وفشلت أن أصبح صديقة.لهذا فضلت أن أبقى بعيدة..مازلت أشعر بألم شديد كلما سمعت أخبارك أو قرأت عنك..حتى قصائدك أشعر بنزيفها في صدري،وكثيرا ما أتوقف ولا أستطيع أن أكمل القصيدة..كانت تلك الكلمات الجميله لفاروق جويده وايمي تقرأها وتبكي بحرقة قلب إدماه الحزن والألم سنوات العمر لم يجد يوما سعاده وكان تلك الكلمات كتبت من أجلها وهي تجلس في بيتها الجميل الراقي في ليله العيد واضواء الشموع تزينه رومانسيه وجمال وكل ركن في البيت قصيده عشق أو لوحه فنيه جميله هنا مرايا وهنا تحفه جميله وهنا بارفان مرسوم عليه رسوم بديعه وهناك ركنه كلها نباتات جنه دون سكان تسكنها ايمي الرقيقه الناعمة والراقيه وهنا كرسي هزاز تجلس عليه وتتذكر احداث حياتها ……وابنها الوحيد الذي تزوج وهي تعيش وحيده مع الذكريات . ليله العيد تمر عليها وهي ساهره في جو رومانسي جميل تتذكر شريط حياتها و يمر أمام عينيها و تدمع بشده كم تمنت وحلمت بالسعاده كم تمنت أن تكون وطنا وعشقا لحبيب تسقيه من مشاعرها وحنانها
وهي وحيده وتذكرت علي مدار عشر سنوات عمر حياتها الزوجيه مع مجدي زوجها عاشت وحيده كل الأعياد لأنه كان يترك المنزل في كل عيد ليغيب عنها مع الأهل أو الأصحاب تاركا بيته وزوجته وابنه الجميل كم احست بالبروده تسري في اوصالها ليالي الصيف الشديدة الحراره لم تعلم وهي صغيره كم هي محتاجه لمسه حبيب ونظرة حانيه تسعدها كانت تعيش بعيده عن كل حب زوجه بلازوج محبه لكل الكون بلا حبيب يروي ورودها………كم شعرت وكأنها ارمله ولها زوج حي افتقدت
حضن يحتويها و قلب سكنا ورحمه ولكن هيهات أن يسعدها القدر وتمر السنوات وفي عيد زواجها العاشر يشاء القدر بفك اسرها من زوج لايتقي الله فيها ولا يدرك معني الموده والرحمة لم يكن عنده ضمير حين ارتبط بالرباط المقدس كانت ايمي تعطي بمنتهي السخاء وهو يأخذ بمنتهي الحقاره ..
والحياه لكي تستقيم لابد من الأخذ والعطاء بالتساوي وتم الانفصال وهي التي كانت تحاول جاهدة علي حفظ المنزل من السقوط ولكن ذهبت كل محاولاتها وانتهت حياتها مع مجدي وابن صغير علي مشارف دخول المدرسه في رقبتها تربيته والسهر عليه وتمر السنوات وفي كل محاوله من الاقتراب لها بغرض الزواج كانت ترفض بحجه تربيه ابنها فهي أم واب معا سنوات تجري كقطار سريع قفلت كل أبواب قلبها خافت علي ابنها ليس من رجل غريب بل خافت أن تحب حب حقيقي لزوج حنون ينسيها امومتها لانها لم تعش كزوجه لرجل محب لها بل عاشت الحرمان العاطفي مع زوج لايتقي الله خافت علي قلبها من الانكسار مره اخري وهي الانثي المحبه والرقيقه عاشت لابنها فقط وكبر الابن وتخرج طبيب …. أدب وخلق منحته الحب والحنان والاهتمام ويؤمن أن الحياه أخذ وعطاء وان الزواج مسؤليه كبيره وعندما كبر ،بدأت الأم تشعر بوحده كبيره خرجت للعمل الاجتماعي والتطوعي وبدأت تمارس الانشطه الفكريه والثقافيه من خلال الملتقيات الادبيه وفي أحد وأهم الصالونات الفنيه والثقافيه قابلت شاعر كبير معروف جدا شدها روعه حواره وجمال قصائده ولمحت في عينيه نظره حائرة وفي يوم بعد إلقاء قصيدته نزل اليها وقبل يدها بمنتهي الرقي ..
وتعرف بها وكانت ايمي تشعر أنها عرفته من سنوات وأنها قصت له أجمل الروايات لدرجه أنها كانت تكمل له كثيرا من الجمل والأحداث و طلب منها لقاء يجمع بينهما علي انفراد وحدد لها موعدا علي النيل استعدت ايمي كعروس تقابل حبيبها في ليله عرسهاالجميل كانت فاتنة بدت كنجمه من نجمات هوليود بثوبها الأسود الارستقراطي وذهبت في الموعد المحدد واستمر حوارهما ساعات الي شروق الشمس وهما يتمشيا علي النهر للصباح تحكي ويحكي وكانهما نصفي التفاحة أخيرا اكتملا واوصلها الي منزلها وهي لاتشعر بمرور الوقت وكذلك هو وتتكرر اللقاءات وفي كل مره كان يراها أجمل من المره الأولي لقد كان رامي رمزا للرجوله بكل معانيها يعطي من روحه وقلبه ووقته لايمي كان اهتمامه بها أجمل دلاله للحب يتصل بها كل صباح يري جمال الشروق في صوتها وينام ليلا علي عذوبة صوتها وكانها موسيقي حالمه و يسمع منها كيف كان يومها …
قاصا لها كل أحداث اليوم الجميله واروع الكلمات وكذلك هي تقص عليه ماذا فعلت ومن قابلت وماذا أكلت اليوم يسمعها كل جديد ويطلب رأيها وتمر اكتر من سنه وهو كل عالمها وكذلك هي لمح كل المحيطين في عيني رامي نظره الأمل والتفاؤل في وجهه ويري في عينيها الضحكة والأمل ولمعه الحب الواضحة كل تلك المشاعر الفريدة والنادره دون أن ينطقا كلمه حب واحده وكان اقصي أمنيات رامي لمسه يد أو ابتسامه من ثغرها وتدعو كل ليله أن يحفظ لها رامي ويسعده…..
اول المهنئين بكل نجاح وأي مناسبه …. كم دعاها الي حفلات غنائية وفنية كانت تعتذر بلطف وأدب خشية أن يتعود الناس علي رؤيتهم معا وكلمات الناس دائما وتعليقاتهم تؤلم من كان له رقه واحساس وخوفها كان يزيد علي ابنها أما رامي فكان بلا زوجه وكل معجباته يدركن ذلك فتزداد آمالهم واحلامهم في كسب قلبه ولكن هيهات كان لاير إلا ايمي..
أنها آلهة الجمال كله بالنسبه له..أنها النقاء والشموخ وأطهر القلوب شعر بها وكذلك هي ……غدا ليله العيد خرجت صباحا تتمشي ايمي في المول الشهير ورأت ملابس نوم رائعه وقفت تنظر اليها وقالت لنفسها ياه من سنوات بعيده تعبت من حسابها ولم ارتد قميص جميل كهذا ياه كم نسيت اني امرأه وحاولت جاهدة من قتل مشاعري الأنثوية كم قيدتها حتي أعيش الحياه وحيده كما عشت ارمله رجل حى وفي الليل البيت كله أضواء وشموع وعطور وموسيقى الدانوب الأزرق وبينما ايمي تسمع احلي نغمات تجعلها تبدو كفراشه جميله ونسمه في ليله صيف حارة يدق جرس التليفون ترفع السماعة صوت رامي بكل العمق والدفء في المشاعر يقول لم أعد قادرا علي العيش بدونك انت أملي وغدي انت قصه حبي وفرحة عمري قولي لي نعم لتكن غدا اول ليله في حبنا كم اضناني شوقي اليكي أصبحت أري كل تفاصيل حياتي فيكي انت قمري وشمسي وترد ايمي عليه أنت قلبي وبدايه عمري. كن لى صديقا واخ أما أنا تعب قلبي واخشي عليه من حب يؤلمه أو هجرا يذبحه لقد تعبني الفراق أعيش لهفه اللقاء واروع اللحظات تجمعنا في عطر الشموع اجمل اللحظات.