فنون

ثنائي أضواء المسرح: محمد عادل ولقاء سويدان

بقلم : مها متبولي

شاهدت مسرحية «سيد درويش» على مسرح «البالون»، ولا أنكر أن هذا العمل الفني المتميز قد انعش روحي، بعد أشهر الركود الفني التي تسبب فيها فيروس «كورونا»، فالعمل يفتح قلوبنا على إبداع «فنان الشعب» سيد درويش.

منذ بداباته الأولى في الاسكندرية، حتى وفاته عام 1919، مستعرضًا فترة تاريخية واجتماعية من أهم فترات التاريخ المصري، وعارضًا لأهم محطات حياة الشيخ سيد وأزماته الانسانية.

تحاول المسرحية أن تلم بكل التفاصيل، من خلال مشاهد المقهى والملهى والبيت، والشارع، لتحدث تناسقا بين العام والخاص، وتتسارع الأحداث، كاشفة عن جزئين.

الفصل الأول: يضم فترة بدايات فنان الشعب في الاسكندرية،والفصل الثاني يتضمن صعود نجم الشيخ سيد ليصبح رمزًا من رموز الأمة، وخاصة عندما تتوحد إرادة الشعب خلف الزعيم سعد زغلول.

وأنا أرى أن الفصل الثاني من العمل كان أقوى من الفصل الأول سواء في تصاعد أحداثه أو في ايقاعه الدرامي، رغم أن الحوار في العمل ككل لم يكن بالقوة التي قدمت بها الاستعراضات، مما يجعلني أقول أنه قد تم اختيار أغاني سيد درويش الموجودة في العمل أولا ثم كتب الحوار ليربط بينها في تسلسل وتناسق عام.

وأعتقد أن مخرج العمل أشرف عزب كان صاحب كلمة السر في نجاحه، لأنه استغل خلفيات العمل بذكاء شديد موظفًا إياها في خدمة ما يقدمه من مشاهد، سواء مقطع فيديو للبحر أو أفلام وثائقية لشوارع الاسكندرية وحلب، في عشرينيات القرن الماضي، وهذه سمة من سمات التطور في تقنيات العرض المسرحي، فقد تطور المسرح الحديث بطريقة مذهلة في الخارج، وأتمنى أن نواكب هذا التطور في مصر تباعًا.

لقد أبهرني الجانب الغنائي الاستعراضي في العمل، ووجدت نفسي مشدودة بشكل كبير إلى بطل العرض محمد عادل، فهو فنان موهوب، ما إن تبدأ في متابعته، حتى تكتشف أنه قد أسر قلبك، وبدأت تحبه، وقد شكل ثنائيًا فنيًا فريدًا مع الفنانة المتألقة لقاء سويدان.

وهو فنان شاطر يجيد الحركة على المسرح بخفة وحيوية، ويجمع بين الغناء والتمثيل والاستعراض بنسب متساوية، وقد اتقن تقمص ومعايشة شخصية فنان الشعب، ونجح في تقديمها، بروح معاصرة وحس موسيقي عالي وقدرة على كسب اهتمام الجمهور.

أما الفنانة لقاء سويدان فقد أضافت ثقلا فنيًا للعمل، وتميزت بتقديم لوحات استعراضية متنوعة، تألقت فيها غناءًا وتمثيلا، وإن كانت مساحة الدور قد تم تقليصها، حيث كنت افتقدها في عدد من المشاهد وأتوقع ظهورها ولا تظهر.

وأعتقد أن دورها لو أخذ مساحة أكبر، لأصبح الخط الدرامي أقوى، ولكن من الواضح أن الاولوية في العمل كانت للغناء والاستعراضات، والتي كانت تقطع مسار الأحداث.

وقد ساهم الفنان الكوميدي المتميز سيد جبر في إنجاح العرض من خلال إضفاء روح البهجة على العمل، سواء بحركاته المفاجئة وإفيهاته المرحة أو بخفة ظله، وطريقة مخاطبته للجمهور.

مسرحية «فنان الشعب» سيد درويش حالة فنية خاصة، وتجربة جديرة بالمشاهدة، تحتاج لتكثيف الدعاية لها، فمسرح الدولة قوي، ولكن آفته أنه لا يلقى الدعاية الكافية التي يتلقاها المسرح الخاص، ولذلك أطالب وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم أن توفر الدعم الكافي لمسرح الدولة حتى لا يقع ضحية لفقر الإنتاج.

كما أن عملا مسرحيًا مهمًا مثل مسرحية فنان الشعب سيد درويش بكل ما فيها من جهد كبير وتميز لافت وبرغم ما تحققه من نجاح سيتم رفعها من العرض بعد شهر من الآن، قبل أن تؤدي دورها التنويري وأرى انها تحتاج مدة عرض أطول لتحقق مزيدا من النجاح.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock