رأيك

شاهيناز خليفة تكتب: أنتِ مش عورة.. كونِك «حواء» ليست جريمة

ما أنتِ لبسك قصير.. حجابك ليه مش مظبوط؟!.. لابسة بنطلون ضيق.. نقابك مش صحيح.. بتخرجي من البيت ليه أصلا؟!.. جميعها اتهامات وصرخات تطارد حواء وتعاني منها في هذا المجتمع الذي يعتبر مجرد خلق حواء على هذه الأرض عورة وذنب كبير سيتحمله الرجل طوال حياته.


كثير من السيدات تعاني من أمراض المجتمع التي تعيش فيه، فيوميًا نجدها تعاني من التحرش، أو الاغتصاب، أو العنف، سواء كان داخل منزلها أو خارجه، والسبب في ذلك هو كلمة واحدة «أنتِ حواء».


كونك حواء ليست جريمة أو عورة تشوه صورة المجتمع الفاضل الذي يتمتع بالتدين قبل الأخلاق، يتظاهر بالفضيلة ولا يغض بصره، يحاول أن يتبع التعليمات التي أمر بها الدين والأنبياء ويتغافل عن ما نهوا عنه أو حتى تطبيق الدين حقًا على أرض الواقع، يستغلون الدين لصالحهم حيث يتخذون بعض جوانبه الذي يفيد جرائمهم الشنيعة وتبرير أفعالهم والتغاضي عن أمور الدين الأخرى.

روت لي إحدى صديقاتي المنتقبات أنها ذهبت لتزور والدتها كعادتها منذ بداية زواجها، ولكن في مرات كثيرة بمجرد خروجها للشارع وسيرها وسط بعض الشباب تشعر وكأن النقاب ليس موجودًا، لا يخفي عوراتها كما ظنت، بل ظلت تسير وتتناثر عليها كلمات بذيئة وكأنها تخترق جسدها بالكامل، فتحاول الهرولة حتى تصل إلى بيت والدتها وتخشى النزول للشارع مرة أخرى، كأنها فتاة ليل يجب أن تمحى من على هذه الأرض.


أصبحنا نعيش في مجتمع (متدين بطبعه)، كون أن حواء لا تكون محبوسة داخل غرفتها بين أربعة حوائط وتغلق بابها جيدًا فذلك سيجعلها قطعة حلوى فاسدة يخترق جسدها (كل من هب ودب) بنظرات عينيه الثاقبة، وإذا لم تطع زوجها أو والداها أو شقيقها فمصيرها حتمًا الهلاك، إذا لم تحاول أن تكون صماء ستكون من المعذبون في الأرض.

إذا رجعنا إلى الوراء، سنجد أن السيدات كانت تعيشن كالملكات يلبسون ما يريدون، لا يخفون شعرهم الذي كان تاج حقيقي على رؤوسهم، وكان الذكور في ذلك الوقت رجال حقًا يغضون أبصارهم ويحترمون نسائهم، وليس مثل شباب هذه الأيام الذين لا يعتبرون رجالا في الأساس.


كيف تسول لك نفسك أن تخترق جسد إمرأة تسير أمامك وتنتهك خصوصيتها وحرمة جسدها لمجرد أنك ذكر وهي فتاة؟!!، هل تشعر بكم الأذي الذي تسببه لها؟، فكيف لو هي فعلت بك هذا هل سترحمها وتعفو عنها في لذك الوقت؟.


يجب أن نفكر لوهلة إلى أن زمن (سي السيد) قد انتهى منذ زمن طويل، يجب أن تنظر للمرأة من ناحية أنها أنثى وليست أداة لتفريغ رغباتك المكبوتة، اتركها تعيش كما هو مقدر لها وليس كما تريدها أنت، اجعلها رفيقة لك ولا تجعلها تتخفي وراء قطعة من القماش خوفًا من رغباتك المكبوتة التي ترسلها لها عبر نظراتك الحادة، من واجبك أن تجعلها تشعر بأنها ملكة حقًا فهي والدتك وأختك وزوجتك وإبنتك، يجب أن تجعلها تعيش سعيدة في هذه الحياة التي لن تستمر طويلا، عزيزتي السيدة/ الفتاة: أنتِ مش عورة.. فكونك حواء ليست جريمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock