رأيك

«حواديت».. حمدي حمادة يكتب: سلطان الساخرين

بعشم طلب مني صديقي هاني سامي أن أكون من ضمن كتيبه كُتاب موقع «ويك إند» بحكم صله المودة التي تربطني به ومنذ أن كنت مشرفًا عامًا ومستشارًا أيضًا للتحرير بجريدة صوت الأمة من سنوات ولت ومضت.. ورغم إنتهاء صلتي بتلك الصحيفة فمازال الوداد والمحبة الخالصة لوجه الله ممتدة ومتأصلة بينى وبين سامي.

ولأن الصراحة راحة، ولإقتناعي التام بنصيحة أسداها لي من إرتبطت وتعلقت به كأستاذ صحفي ساخر وكبير وتعمقت علاقتى به وكأب روحي استهل أولى كتاباتي وحكاية الحواديت عن «سلطان البهجة».

ذات مساء متأخر قارب على الإنتهاء وبدت بواكير فجر جديد وفي جلسة رائقة كنت أتناقش مع الولد الشقي عمنا الراحل محمود السعدني سلطان الساخرين المُبهجين والذي يجذبك بالنكات والقفشات التي تجعلك تقهقه وتضحك تلقائيا وبدون زغزغة!

قال لي السعدني: في حياتك الصحفية لا تكن إمعة أو بردعة أوصاحب منفعة! ودومًا تكتب بالحق ولا تتجنى على أحد بباطل حتى لا تكون صحفي فاشل! فعقبت: ماهو أنا كده وعلق هو: ما أنا عارف يا إبن الـ……. وضحكنا وكركرنا.. ليس بمثل كركرة الجوزة أو الشيشة ولكن كان الضحك تلقائيًا.

في تلك الجلسة قص السعدنى حدوتة تعبه وشقاه وما تعرض له من مقالب ومشاكل ومعوقات في مسيرته وخطواته على بلاط صاحبة الجلالة التي بدأت من قهوة عبد الله بميدان الجيزه وكانت الملتقى للأدباء والكتاب والصحفيين والمثقفين وكان آخر المثقفين الذين جلسوا وإرتادوا هذا المقهى الدكتور سمير سرحان أستاذ الأدب الإنجليزي ورئيس هيئه الكتاب الراحل ووالد الفنان الممثل خالد سرحان.

ما علينا حكى لي السعدني بأن أول من قال له كلمة: أستاذ كان الراحل زكريا الحجاوي وكان له ركن في القهوة يلتف حوله الشلة والأصحاب فوجد السعدني واقفًا وكأنه يبحث عن شئ وكان يتلفت يمينًا ويسارًا باحثًا عن صديق الطفولة ورحلة الكفاح الصحفي الرسام والفنان طوغان فلم يجده ورمقه الحجاوي وناداه: إتفضل يا أستاذ.. فقال له السعدني: أنا فرد الحجاوي أيوه إنت يا أستاذ تعال هنا جنبي دا إنت باين عليك واد مطأطأ وبتسمع الكلام ونادى على القهوجي: هات واحد شاى للأستاذ.

وشعر السعدني بداخله بالزهو لأن أستاذ كبير زي الحجاوي ناداه بالأستاذ وإرتبط السعدني به وبمحبة خالصة منذ عام ١٩٤٦ وأصبح من شلته وتوثقت علاقته به.. ومن وقتها وهو يعتز بالحجاوي ويقول له ده أستاذي.. ألف رحمه ونور عليه كان يرددها السعدني عندما يحكي حواديته عنه.

وحكى لي السعدني بأنه ذات يوم أثناء هروب السادات لكونه كان مطلوبًا ولابد من القبض عليه في قضية اغتيال أمين عثمان أيام حكم الملك فاروق.. ذهب السعدني لمنزل الحجاوي حيث كان يستأجر شقة في إحدى حواري الجيزة.

ونادى السعدني على الحجاوي: ياعم زكريا.. ياعم زكريا.. وأطل الحجاوي من الشباك: كويس يامحمود إنك جيت دلوقتي ودلدل سبت الخوص أبو حبل غسيل وكان بالسبت طبق صاج غويط وقال له: أنا عندي ضيف وعايزين نفطر وهات لنا فول مدمس وعيش وطعمية وفجل أو جرجير وتعالى بسرعة علشان نفطر سوا.

وفعلا سمع السعدني أوامر زكريا الحجاوي وأحضر المطلوب وطرق الباب ودلف السعدني داخل سكن الحجاوي فلمح شابًا أسمر جالسًا في ضيافة الحجاوي وألقى عليه بتحية الصباح ورد عليه بحذر ربما ظن أن السعدني مخبر من مخبري البوليس.

تم فرش جورنال على الأرض وجلس الكل ليتناولوا الفطور وبعدها إرتشفوا أكواب الشاي من البراد الذي كان موضوعًا على وابور الجاز.. وتمت الرحرحة في الكلام وقال الحجاوي للسعدني ده صاحبي اللي كنت مخبيه في بيتنا بمدينة المطرية أنور السادات.

فقال له السعدني: هو إنت الضابط المفصول من الجيش اللي البوليس بيدور عليه! فإبتسم السادات: هو أنا.. وزاد السعدني من ترحيبه به وقال له: إوعى حد يعرف يامحمود إن أنا بآجي للحجاوي! وعلى طول نطق السعدني: إطمئن أنا مش خباص وضحك الكل.. كانت ذكريات وأيام زي الفل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock