رأيك

وفاء أنور تكتب : اذكريني

كلما شاهدت هذا الفيلم الذي كتب قصته فارس الرومانسية الأديب الكبير يوسف السباعي شعرت بأنه يتوجب على أن أكتب عنه ، ولكن كما يقولون كل شيء بأوان ، كنت أشاهده بالأمس ووجدت نفسي قد انفعلت معه انفعالًا عظيمًا كأني أراه لأول مرة في حياتي كنت أستمع لحديث النفس الخافت الذي يدور بمخيلة بطلي الفيلم في محاولة حثيثة منهما لوصف اللقاء الأسطوري بينهما ، هذا اللقاء الذي صنع من كلمات الحب باقات ورود يانعة تم وضعها في ميادين السحر والجمال ليدور حولها من منحه الله
نعمة رهافة الحس ومخزون هائل من العاطفة الجياشة التي تتحطم أمام رقيها كل حواجز الجبروت وتتهاوي أمام ثورتها الجبال .

الفنان محمود ياسين ، والفنانة نجلاء فتحي عمالقة الأداء الفني استطاعا أن يختفيا ويذوبا معًا في شخصية واحدة ، أشعر أني لم أرى أحدًا منهما بمفرده فقد اتحدا في نفس واحدة أمام حب صادق لم يكتب له القدر نهاية سعيدة إنه العشق الهادر الذي فرض وجوده على قلبين رقيقين ، عشق لا يأبه لأحد ولا يستسلم إلا لذاته ، استمعت وشاهدت بقلبي وكياني لكليهما ” محمود ومنى ” .

أي جمال هذا وأي رقة تلك إنها لمعجزة صنعتها أفكار وإبداعات كاتبنا الكبير الذي جسد بكلماته وأحاسيسه الغضة قصة الحب وأسطورة العشق التي تنبض بالحياة على مر السنين ، لقد تمكن بعبقريته من جمعها ووضعها في كتاب ليأتي بعدها دور السينما ليحول الكلمات والشخصيات إلى كائنات حية تنبض بالحياة ، نسيت الزمان والمكان وأنا أرى عبقريات ثلاث تتجمع وتنسج الإبداع في عقد من اللؤلؤ تمنيت اقتنائه وارتدائه لأتزين به عسى أن أعود إلى سنوات صباي التي غابت عني وغبت عنها تحت وطأة مسئولياتي الملقاة على عاتقي من عمل شاق ومزيد من أعباء الحياة .

تمر الأيام ولايتوقف الإحساس بالجمال إلا في نفس محطاته السابقة عندما نشاهد ما يشبهنا ويعبر عنا لننتهز فرصتنا في استعادة صورتنا التي خلقنا الله وجبلنا عليها ، نعم نحن أصحاب القلوب الرقيقة التي صنعت أبجدية أخرى ووظفتها في وصف ما يجول بها على نحو يعبر عنها بطريقتها المثلى ، كلنا بشر كلنا تتحرك مشاعره متضامنة مع قصص الحب الراقية البعيدة عن الخطأ والابتزال .

من لم تتحرك مشاعره أمام مشاهد كهذه ولو لدقائق قليلة فليعلم بأن قلبه قد تم استبداله بقطعة حجر من أقسى أنواع الصخر ، ما يزيد حيرتي أنك قد تشاهد مثل هذه الروائع وأنت بصحبة شخص يتعمد السخرية من تلك المواقف التي تنبض بالحياة تراه يسفه كل ما يراه متعمدًا كأنه يفاخر بأنه لا قلب له ولاروح ، يفعل هذا في محاولة يائسة منه لقتل إحساسك بالجمال وحبك للحياة ، سيظل هذا الفيلم الرائع علامة مضيئة من علامات الرومانسية في السينما المصرية والعربية شاء من شاء وأبى من أبى .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock